آخبار عاجل

ومضات إلى القاع ...ووهج الصقيع {إليها لحظة الارتواء).. بقلم: الدكتور مصطفى المداينى

19 - 11 - 2023 11:30 116


جلست على حدة في مقهى منزو على قارعة طريق صحراوي .كان الهدوء المخيم مريحا . ولم انتظر أحدا جئت هنا كي أجلس بيني
ونفسي .لن أحاسبها فهي مثلي تتمتع بما يسميه العارفون ذاتها المخصوصة .هي نفس لا تختلف كثيرا عن أنفس البشر الدنيئة الكئيبة
المتكلسة .وكنت قد صممت على الصمت لن أتطرق إلى أي موضوع.
وضعت نصب عيني باب المقهى أنا هكذا أكون في مأمن من المفاجآت . لن أتكلم مع أحد وهل هذا العالم يستحق أن نتحاور معه ...
وقف في هذه اللحظة رجل ضخم كاد يغلق باب المقهى الصغير وإذا حركة كبيرة تجتاح النادل ومعينه وصاحب المقهى الذي ارتمى
أمام الرجل متوسلا متذرعا باكيا شاكيا
وتكلم النادل في صوت دامع أما المعين فقد هب ينظف المكان ويفسح الطريق الفسيح ...قال الصاحب :عفوا لم نكن بانتظارك ...لكن
كل شيء على ما يرام
دلف الرجل بهيبة وصرامة .تلفت يمينا شمالاً وزعق بصوت قاتل :لم تختبئون .وانتم على علم أني دوما هنا ...لقد جئتكم بهذا ...
وأشار إلي...
تلفت الصاحب وتقدم مني وجلا مسلما مرحبا متوعدا النادل والمعين على التقصير...
ثم منحني الظهر وهو يتبع الزائر الجديد الذي اتخذ مكانه في الصدارة...
تغير المقهى بحضوره وقف التشنج وعم صمت رهيب .الكل منخرط مع ذاته .أنا نفسي تجلدت كنت قد استوعبت دروسا عديدة عبر
الحياة فنحن في هذه الفترة الزمنية التي نقضيها روادا محترمين عند الحياة نتعلم أننا هنا كي يمر بنا زمن ونمر منه وعليه ثم نقتفي
أثره ونجري وراءه أحيانا وقد نخاتله و يخاتلنا ونضحك عنه منه ونتودد إليه في صبر مقيت.
وقف الرجل وتقدم مني ثم أمعن النظر في وجهي .توجهت كل الانظار تجاهي .وأحسست أن الجو قد تغير .وها أنا وهو وجها لوجه .
انا لا أعرفه على ما هو عليه .بدت لي سحنته صارمة صرامة السنين العجاف ووجهه الممتلئ ينم على ود قديم لكن الهيئة بدت
أمامي تدفع بالذكرى إلى الظهور...إنه بلا شك هو نعم أكيد هو.
ارتعشت لكني تماسكت فأنا هنا كي أستريح.
كنت قد تعلمت منذ الصغر أن رباطة الجأش لها دور فعال و اتخاذ صورة الشاهد الذي لا يرى و لا يعبر ولا يتفهم بل ولا يسعى أصال
إلى المعرفة نعمة تمكن صاحبها من أن يتخذ القرار في اللحظة الحاسمة .توقف الرجل وقد خامره ذلك الشك وأحسست بتردده هل أنا
هو ذاك الذي ...أم أني رجل مختلف لا أحد يعلم عنه شيئا.

قال بصوت متهدج: لم ؟
صمت فأصلا أنا انزويت في هذا المقام كي أنسى بل أتناسى مالا ينسى ...وها هي الذكرى التي لم تكن لتخطر على البال تنبثق من
غياهب الزمن البعيد.
أعاد الرجل تو بنبرة غريبة :لم؟ لم؟
ثم بخفة واضحة انفرجت أسارير الرجل ... قال :هل بالإمكان أن أطلب منك طلبا.؟؟
عمني توهان مريب لم أستوعب بالضبط المطلوب وبقيت في حالة شرود دون تشنج أو عصبية ولم أفقد ما كنت صممت
عليه... الصمت ولا غيره...
وأمام صمتي المطبق تقلصت أسارير الرجل وعاد خطوتين إلى الوراء ...ثم انسل بسرعة مريبة من الباب...
تنفس الجميع الصعداء وقف صاحب المقهى ورفع رأسه عاليا تماما كالديك وهي يرسل صياحه الصباحي وزرع الدم في وجه النادل
الذي قدم نحوي هاشا باشا :تفضل سيدي على الرحب والسعة...



شبكة Gulf 24 منصة إعلامية متميزة تغطى أخبار دول مجلس التعاون الخليجي والوطن العربي والعالم تضم بين صفحاتها الرقمية وأبوابها المتنوعة كل ما تحتاجه لتصبح قريباً من ميدان الحدث حيث نوافيك على مدار الساعة بالخبر والتحليل ونسعى أن نصبح نافذتك إلاخبارية التى تمنحك رؤية راصدة تجعل العالم بين يديك ومهما كانت افكارك واهتماماتك. سواء في حقل السياسية، الاقتصاد، الثقافة

جميع الحقوق محفوظه لشبكه Gulf 24 الاخبارية

Gulf 24 © Copyright 2018, All Rights Reserved